كانت GTA IV خليفة أحد أكثر الألعاب نجاحاً وتميزا في التاريخ وهي GTA : San Andreas. كانت هذه الأخيرة إحدى أبرز ألعاب العالم المفتوح على الإطلاق وأكثرها ثورية، فلقد قامت روكستار بجعلها لعبة ضخمة للغاية تحتوي على ثلاث مدن مُختلفة تماماً وعدد كبير من الأنشطة التي بالإمكان القيام بها مثل الذهاب إلى قاعة الرياضة والحلاقة وقتال العصابات وركوب القوارب والطائرات. كانت الأشياء التي بالإمكان القيام بها لا نهائية، كانت سان اندرياس لعبة طموحة للغاية بشكل جعل اللاعبين يصنفونها الأفضل في السلسلة ككل إلى يومنا هذا، حتى أنهم يصنفونها أفضل من الجزء الخامس رغم تفوقه التقني.
في 2008 وقبل صدور اللعبة، كَان الحمل ثقيلاً على GTA 4 فالجُمهورُ لن يَرضى بلعبة بمُستوى أقل مِن سان اندرياس، وانتظرها الكثيرُ بفارغ الصبر.
من خلال العروض التشويقية، عرفنا أنّ أحداث هذه اللعبة ستقع في مدينة ليبرتي سيتي الخيالية و المستلهمة من مدينة نيويورك، كانت هذه المدينة مسرحاً للعبة GTA 3 والتي كانت لعبة ثورية في بداية الألفية، فهي اللعبة التي قدمت لنا العالم المفتوح والتجول في المدينة وسرقة السيارات للمرة الأولى بشكل ثلاثي الأبعاد في تاريخ ألعاب الفيديو،
كان هذا أول جزء من السلسلة على أجهزة الHD وهي الXbox 360 والPS3، لذلك توقعّ الكثير قفزة تقنية كبيرة.
قصة سوداوية وستحرّك فيك الكثير من المشاعر :
بطلُ اللّعبة لَيسَ أَمريكياً، بل هُوَ آت من أوروبَا الشّرقية عَلَى مَتنِ باخرة ويُدعى نيكو بيليك. وهو محارب صربي سابق أتى إلى مدينة نيويورك من أجل تحقيق الحلم الأمريكي، حيث كان يتوقع أن يرتاح أخيرا من ماضيه الأليم وأن يعيشَ مع ابن عمه رومان الذي ظنّهُ ثرياً ويعيش في قصر فخم وسيارات رياضية فاخرة بصحبة نساء حسناوات، لكن نيكو أصيب بخيبة أمل عندما وجد ابن عمه يعيش في شقة صغيرة متسخة ولديه مشروع كراء سيارات تاكسي فاشل ويعاني الكثير من المشكلات مع العصابات والديون.
قصة الجزء الرابع تحتوي على الكثير من الكوميديا السوداء، وهي درامية وعميقة بشكل أكبر بكثير من ألعاب روكستار السابقة، لكنّ الكثير اعتبرها قصة ثقيلة لذلك فإنّ هذا الجزء ليس لهُ شعبية كبيرة مقارنة بالجزء الخامس مثلاً والذي كانت قصّتة مرحة، غير سوداوية و كئيبة.
في هذا الجزء هناك الكثير من مهمات الاغتيال، نيكو ليس سوى قاتل مأجور لقادة المافيا في مدينة ليبرتي سيتي,
سوف يُحتم عليك اتخاذ قرارات تُؤثر على سير القصة، ففي بعض المهمات عليك اختيار الشخصية التي ستتخلّص منها، مثلاً ستكون أمامك حرية الاختيار بين Playboy وهو شاب طموح يسعى إلى الصعود بأي ثمن حتى لو تطلب الأمر بيع أصدقائه وDwayne وهو رجل عصابات سابق فقد كل شيء بعد خروجه من السجن حتى الفتاة التي أحبها، ويُعاني من اكتئاب بسبب ذلك.
نكتشفُ بعد أن نتقدم في اللعبة أن نيكو أتى إلى مدينة ليبرتي سيتي من أجل هدف واحد، وهُو داركو، هذا الشخص قد خان نيكو ورفقاؤه سابقا أثناء الحرب وتسبب في موتهم، سوف نرى هل ينحج نيكو في الانتقام أم أنهُ سيدرك أنّ ابقاء هذا الشخص على قيد الحياة هُو خير عقاب لهُ.
هنالك الكثير من الخيانات في القصة ومن النادر أن نجد شخصية وفيّة. سوف تتعجّب من ذلك أحياناً فمعظم الشخصيات التي ستتعرف عليها سيكون عليك التخلص منها في وقت ما، ديمتري مثلا كان صديق اللاعب في بداية اللعبة، لكنهُ تحول فيما بعد إلى عدوّ بعد أن خان نيكو وأراد التخلص منهُ عديد المرات.
هُنالك مثلاً من طلب من نيكو قتل أخاه ! نعم، تصل اللعبة إلى هذا الحدّ. وهنا سوف نتفهم أن في عالم هذه اللعبة ليس هنالك وفاء سوى للمصالح، والحياة في ليبيرتي سيتي أشبه بالغابة يأكل فيها القوي الضعيف.
في نهاية اللعبة سوف يكون أمامك اختيار آخر. هل ستختار الانتقام أم الأموال ؟ هل تُريد رصيدا بنكيا مليئاً بالأموال أم المُحافظة على مبادئك ؟
نهاية اللعبة مؤثرة جداً، ففيها الكثير من الأحداث المأساوية وبالتأكيد ستبقى راسخة في الأذهان. سوف تتركك تتساءل، هل الحلم الأمريكي هُو حقيقة أم مُجرد وهم ؟
أسلوب اللعب :
الفيزيكس في اللعبة متميز للغاية، ويتفوق حتى على ألعاب صدرت في السنة الحالية، حيثُ أن سياقة السيارات واقعية للغاية، وأيضا تأثير الضربات وإطلاق الرصاص على الأعداء مختلف حسب مكان الإصابة. وردات فعل الNPC كانت معقولة للغاية، فمثلاً حينما ترمي قنبلة في الطريق سوف تشاهد جميع الشخصيات تهرب من المكان، بينما في الأجزاء السابقة فسوف تشاهدهم في مكانهم لا يتحركون.
عدد الأسلحة في هذا الجزء أقل بكثير من الجزء السابق، وهي غير قابلة للتطوير أو تغيير شكلها مثل الجزء اللاحق. لكن كان هُنالك تحسن كبير في ميكانيكيات إطلاق النار التي أصبحت واقعية للغاية، وأيضا تمت إضافة زر للاختباء وراء الجدران والعوائق، لذلك فإنّ المواجهات مع الأعداء كانت ممتعة للغاية.
قلّة النشاطات التي يُمكنك القيام بها هي خيبة أمل، فالكثير منها والتي تواجدت في جزء سان اندرياس لم تتواجد في الجزء الحالي، مثل الذهاب إلى قاعة الرياضة وبناء العضلات، أو الذهاب إلى الحلاق للحصول على قصات شعر جديدة. كذلك فلا يمكننا قيادة الطائرات، بل الهيليكوبتر فقط، والسبب الذي منع روكستار من ذلك هُو صغر حجم الخريطة الذي لا يحتاج منا إلى طائرات للتنقل فيه.
الهاتف هُو جزء أساسي في اللعبة، و باستعماله يُمكننا القيام بالعديد من النشاطات مع الأصدقاء والذهاب في مواعيد غرامية. كذلك فهُو يمكّننا من إعادة المهمات بسرعة.
الكثير انتقد اللعبة بسبب تكرر مهماتها، حيث أن معظمها مهمات اغتيال واطلاق نار. يبدو أن روكستار تعلمت الدرس جيداً في الجزء الخامس، حيثُ أن المهمات كانت متنوعة جداً.
واجهت اللعبة العديد من المشكلات في نسخة البي سي، حيثُ عانت من الكثير من المشكلات مع الأداء حتى على أجهزة قوية، بورت اللعبة على البي سي كان سيئاً ولم يستطع استغلال قوة الأجهزة. اللعبة تستهلك المعالج بشكل كبير بسبب الفيزيكس المتواجدة والتي كانت طموحة بشكل كبير.
للأسف الشديد لُعبة GTA 4 لم تنل حظها من الشهرة مثل أجزاء أخرى من السلسلة للعديد من الأسباب منها القصة السوداوية التي لم تعجب البعض وعدم وجود الكثير من الأنشطة، قامت روكستار بإصلاح ذلك في الجزء الخامس ولذلك حقق نجاحاً مرعباً. لكن يبقى الجزء الرابع من أكثر الألعاب التي أثرت على الصناعة وتقييماتها المرتفعة والتي تجعلها ضمن أكثر الألعاب نجاحا في التاريخ دليل على ذلك.
الجزء الرابع لهُ مكانته الخاصة في السلسلة وأتمنى أن تقوم روكستار بإصدار ريماستر لهُ في القريب العاجل كما فعلت مع لعبة ريد ديد ريدمبشن.